.أذكرُ أنّ المطرَ تساقطَ بسرعةٍ شديدةٍ ليلتها
حينَ كنّا واقفين عندَ بوابةِ المقهى
كان الصمتُ سائداً بيننا
و برغمِ البردِ و المطر
كنتُ أشعرُ بالنارِ تستعرُ بداخلي
و أنا على يقينٍ أنّ النارَ تستعرُ بداخلكَ أنتَ أيضاً
نحنُ هكذا دائماً حينَ يسيءُ كلانا للآخرِ بكلمةٍ ما
نلزمُ الصمتَ و نحترقْ دونَ أنْ نعتذرَ أو نبدي ندماً
إنّما ندركُ الخطأ الذي نرتكبه !
تحترقُ روحي حينَ أسببُ جرحاً في قلبك
و تحترقُ روحكَ حينَ تتَسَبّبُ في جَرْحِ قلبي
و لكن كلانا عنيد
كلانا ذا كبرياء
يرفضُ الاعترافَ بخطئهِ و يرفضُ الاعتذار
و قد كنتَ أنتَ من جرحني هذهِ الليلة
أنتَ منْ أحزنني حينَ قلتَ أنكَ ما عُدتَ تهتمُ بما أفعله و لا بي
تتذمّر دوماً من سلوكياتي
تحاولُ أنْ تقوّمَ اعوجاجي و لكنني أرفضُ تماماً
لأنني لستُ عوجاءَ السلوكِ أصلاً
لستُ على خطأ !
تستسلمُ و تلزِمُ الصمتَ في العادة
و لكنكَ اليومَ قررتَ تجاهلي بغضب
أدركُ أنكَ لا تستطيعُ أنْ تكونَ غيرَ مهتماً و غيرَ مبالياً بي
و لكنَّ غضبكَ و انفِعالكَ آلماني
وَ وقفنا هنا
ننتظرُ سيارةَ أجرةٍ بعدَ أنْ أغلق المقهى للعودةِ إلى بيتينا
توقفتْ سيارةُ أجرةٍ كنتَ أنتَ منْ أشارَ إليها
فلمْ أُعِر اهتماماً لتوقفها و صددتُ عنها و عنك
لكنكَ فاجأتني حينَ قلتَ لي :
- اركبي .
نظرتُ إليكَ و هززتُ رأسي يميناً و يساراً و أنا أحاولُ تمالكَ نفسي
تنهدتَ و قلتَ برجاءٍ حنون :
- اركبي يا حبيبتي .. اركبي .
رفضتُ بعنادٍ شديد
و لكنكَ شددتني من ذراعي و قلتَ بلطفٍ بالغ :
- لا تتأخري .. هيا اركبي .
سرتُ إلى السيارةِ و ركبت
و لكنكَ لمْ تركبْ
بل أغلقتَ البابَ و طلبتَ من السائقِ أنْ يأخذني إلى حيثُ أريد
فصِحتُ بالسائقِ أنْ يتوقف !
و فتحتُ البابَ قائلةً إليك :
- لماذا ستبقى ؟.. اركب أنتَ الآخر !
اجبتني :
- اذهبي وحدك .. ذلك سيريحك .
قلتُ بعينينٍ ممتلئتين بالدموع :
- سيريحني أنْ تكونَ معي .. لا أنْ تبقَ وحيداً تحتَ المطَرْ .
هكذا ننسى هفواتِ منْ نحب
هكذا ننسى غضبنا
هكذا تنطفئُ النارَ التي تحرقُ قلبينا
نحزنُ و لكنّنا نعود
نعتبُ و لكننا نعفو دونَ أنْ نشعُر
لأنَّ ما نرجوه فقط
أنْ نكونَ معاً و حسبْ
معاً فقط .