طرق تحسين امتصاص المغذيات
لا يعني دائماً تناولك لمصادر غنية بالعناصر الغذائية أو المغذيات Nutrients أنك تمتصها على الوجه الأمثل , بل أحياناً ما يحصل بالفعل هو العكس .. إذ يقول لنا بعض المرضى و المتابعين في ممارساتنا العلاجية اليومية بخصوص حالات مرضية يلعب الغذاء الدور الأبرز في التحكم بها أنهم يختارون أقوى الأطعمة Superfoods و ينخبون أفضل المكملات الغذائية و رغم ذلك لا يحققون نتائج تذكر , و كثيراً ما تظهر التحاليل الخاصة بهم استمرار نقص بعض العناصر الغذائية رغم تناول مصادرها و منها الفيتامين D3 و الحديد و الفيريتين Ferritin و الفيتامين B12 و الزنك و غيرها .. و قد يترتب على ذلك مراوحة الحالة المرضية في مكانها , و أحياناً الدخول في اختلاطات إضافية لها ..
للأسف يغفل الكثير من الممارسين عن جوهر المشكلة في ذلك , و هو غالباً سوء امتصاص العناصر الغذائية
و كلما تقدمنا في السن تصبح الحاجة إلى تحسين امتصاص العناصر الغذائية Nutrients أكثر ضرورة , إذ تضعف قدرة أجسامنا على هضمها و استخلاصها و تمثيلها الأيضي الصحيح , في وقت نتعرض فيه للأمراض و الإجهاد Stress مما يزيد من حاجتنا لاستخدام تلك العناصر الغذائية بشكل فعال
من جهة أخرى يلعب استنفاذ التربة دوراً في تدني نسب العناصر الغذائية سواء في النبات أو في منتجات المواشي و الدواجن , و يعود ذلك الاستنفاذ إلى عدة عوامل , كاستخدام المبيدات الزراعية و الأسمدة الكيميائية و التلوث البيئي و اعتماد الزراعة الأحادية المتكررة سنوياً في المساحات المزروعة و غير ذلك ..
ما هو مفهوم امتصاص العناصر الغذائية Nutrients absorption ؟
يشير الامتصاص إلى عملية استيعاب الغذاء عبر أنظمة الجسد .. عندما نتحدث عن امتصاص العناصر الغذائية ، فإننا نشير إلى استيعاب مواد مثل الفيتامينات vitamins و المعادن minerals و الأحماض الدهنية fatty acids و الأحماض الأمينية amino acids في مجرى الدم و الخلايا ، أو عبر الأنسجة و الأعضاء
بشكل عام يعتبر الامتصاص عند البشر معقدًا و يتطلب أنواعًا عديدة من الأنزيمات ، بالإضافة إلى اللعاب و حمض المعدة و عصارة الصفراء bile و غيرها .. و يحدث معظم امتصاص العناصر الغذائية عبر جدار الأمعاء الدقيقة
تمر العناصر الغذائية الآتية من الأطعمة و المكملات عبر الغشاء المخاطي للأمعاء الدقيقة إلى الأوعية الدموية عن طريق الانتشار diffusion أو النقل transport حيث يتم نقلها إلى أنسجة و أعضاء الجسم حسب الحاجة
و يختلف الوقت اللازم لامتصاص المغذيات حسب نوعها , و عادةً تستغرق الوجبات التي تحتوي على نسبة عالية جدًا من الألياف و البروتين و الدهون وقتًا أطول للهضم والامتصاص بشكل كامل مقارنة بتلك التي تحتوي على نسبة عالية من السكريات و الكربوهيدرات البسيطة , و بصورة عامة يتم امتصاص العناصر الغذائية عبر المكملات بصورة أسرع من مصادرها الغذائية
و يمكن أن يلعب الإكثار من شرب الماء , أو على العكس الإقلال منه , في تأخير عملية الهضم و في الحد من امتصاص العناصر الغذائية
و من عوائق امتصاص المغذيات وجود التهابات في الأنبوب الهضمي و قد لا ترقى تلك الالتهابات بالضرورة إلى التصنيف كأمراض ( كما هي الحال في داء كرون Crohn's Disease أو السيلياك Celiac Disease و غيرهما .. ) بل قد تكون التهابات صامتة خفية ترتبط بكثرة تناول الأطعمة المصنعة أو الكحول أو رواسب المبيدات و التلوث و زيادة تراكيز سموم تفرزها بعض البكتيريا الضارة و الفطريات و الطفيليات
بعيداً عن الحالات المرضية المتقدمة , يقوم تحسين امتصاص العناصر الغذائية على ما يلي :
1- دعم نمو البكتيريا الجيدة Good Bacteria و التوازن الميكروبي في الأمعاء عبر تناول الأطعمة المخمرة و الألياف و مكملات البروبيوتيك المناسبة , فالبكتيريا الجيدة تفرز أنزيمات تساعدنا على الهضم كما تفرز مغذيات قابلة للامتصاص و تقوم بتحويل بعض المغذيات إلى أشكال قابلة للتوافر البيولوجي في أنسجتنا
2- الجمع الصحيح بين الأطعمة : فمثلاً يحتاج امتصاص الحديد إلى وجود الفيتامين C معه و يحتاج الكالسيوم إلى وجود الفيتامينين D3 , K2 كما يتم امتصاص الفيتامينات الذوابة في الدهون ( A , D , K , E ) بشكل أمثل عند تناول الدهون الصحية معها , و يتحسن امتصاص الفيتامين D3 إذا اجتمع مع OMEGA3 و مع المغنيزيوم , و يتحسن امتصاص عموم المعادن من مصادرها في اللحوم و الخضار إذا تم تناولها مع عصير الليمون إذ يشكل حمض السيتريك Citric acid معها أملاح السيترات سهلة الامتصاص ..
من جهة أخرى يمنع وجود مكونات امتصاص مكونات أخرى فمثلاً : الكالسيوم في منتجات الحليب و كذلك أملاح الكالسيوم في المكملات تمنع امتصاص معادن أخرى إذا تم تناولها فني مضخات بالتزامن كالحديد و المغنيزيوم و الزنك و المنغنيز و البوتاسيوم .....
3- مضغ الطعام جيداً و لوقت كافٍ و عدم التشتت و الانفعال أثناء تناول الطعام
4- التخلص من التوتر Stress بمساعدة طرق مثل ممارسة الرياضة الجماعية و قضاء وقت في الهواء الطلق أو مع الأحباء و الأصدقاء و التأمل Meditation و الاسترخاء و اليوغا Yoga
5- أخذ الأنزيمات الهاضمة digestive enzymes و يعتمد اختيار النوع المناسب من إنزيمات الجهاز الهضمي التي يجب تناولها على أنواع الأطعمة و المغذيات الكبيرة macronutrients (الكربوهيدرات أو البروتينات أو الدهون) التي تتطلب الحالة تحسين امتصاصها