تعد السنة النبوية المصدر الثاني للتشريع في الإسلام بعد القرآن الكريم، وهي تجسيد حي لتعاليم الإسلام في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. تشتمل السنة على أقواله وأفعاله وتقريراته، وقد كانت مرجعًا رئيسيًا للمسلمين لفهم الشريعة وتنظيم حياتهم منذ فجر الإسلام. في هذا المقال، سنتناول تعريف السنة النبوية، أنواعها، أهميتها، وحجيتها، إلى جانب دورها في تشكيل الهوية الإسلامية.

1. تعريف السنة النبوية
السنة النبوية في اللغة تعني الطريقة أو النهج. أما في الاصطلاح الشرعي، فهي ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من:

الأقوال: مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات".
الأفعال: كأداء الصلاة وأركان الحج.
التقريرات: كإقراره أفعالًا حدثت في حضرته دون إنكار، مما يدل على مشروعيتها.
الصفات الخَلْقية والخُلُقية: مثل وصفه بأنه كان "لا يغضب إلا لله".
2. أنواع السنة النبوية
أ. السنة القولية
هي الأقوال التي نُقلت عن النبي صلى الله عليه وسلم واشتملت على أحكام شرعية أو توجيهات عامة. مثل: "لا ضرر ولا ضرار".

ب. السنة الفعلية
هي أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التي أداها وبيّن من خلالها الأحكام الشرعية، مثل صفة الصلاة وكيفية الوضوء.

ج. السنة التقريرية
هي إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لأفعال أو أقوال صدرت من بعض الصحابة، مما يدل على جوازها.

د. السنة الوصفية
تشمل الصفات الخَلْقية والخُلُقية للنبي صلى الله عليه وسلم، مثل تواضعه وكرمه.

3. أهمية السنة النبوية
أ. بيان وتفسير القرآن الكريم
السنة هي الشارحة والمفسرة لأحكام القرآن الكريم. قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44].
مثال: فرض الصلاة ورد في القرآن الكريم دون تحديد عدد الركعات، فجاءت السنة لتوضحها.
ب. استكمال التشريع
تحتوي السنة على أحكام لم ترد في القرآن الكريم، مثل تحريم الجمع بين المرأة وعمتها.
ج. تطبيق عملي للإسلام
السنة تقدم نموذجًا عمليًا لتطبيق الإسلام في حياة الفرد والمجتمع، مثل كيفية التعامل مع الناس وأداء العبادات.
د. مصدر للأخلاق والآداب
تعكس السنة قيمًا إنسانية عظيمة كالتسامح، العدل، الإحسان، وحسن المعاملة.
هـ. الحفاظ على وحدة الأمة
السنة هي مرجعية شرعية موحدة للأمة الإسلامية، مما يسهم في تقليل الخلافات وتوجيه المسلمين نحو الصراط المستقيم.
4. حجية السنة النبوية
السنة النبوية حجة شرعية يجب على المسلمين اتباعها، ودليل ذلك:

أ. من القرآن الكريم
قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].
وقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80].
ب. من السنة نفسها
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه" [رواه أحمد].
ج. إجماع الصحابة
أجمع الصحابة على أهمية اتباع السنة باعتبارها مكملة للقرآن الكريم.
المرجع
شرح حديث إنَّ الله يُحبُّ أن تُؤتَى رُخصُه
شرح حديث مَن لم يشكُرِ القليل لم يشكُرِ الكثير