لا تيأس ما دامَ ربُّك من فوق سبع سماوات يُناديك بألا تيأس من رحمته وأنه سيُيسِّر لك الخير، وما أراده لك، وإن كان ذلك عكس ما تُريد؛ لأنك بعد أيام ستَشعُر أن حصول هذا الأمر أو ذاك فجَّر يَنابيع السعادة من تحتِك، وأمطر عليك خيرًا سواء من مال أو راحة أو طمأنينة أو حياة قيم ومبادئ فيك.
لا تيأس ما دامت روحك تنبض بالحياة، وقلبك عامرًا بالإيمان، وما دام جسدُك في كامل قواه، انفضْ عنك الكسل، وابدأ بالسعي والعمل، يا من غرَّك طول الأمل، فلا تأمل من الغد خيرًا ما دمتَ لم تجهز له، ولا تشتم ماضيك وأنت من سطَّره، أفتُريد أن تسعى إليك المسرّات وأنت قاعد لا تُحرِّك ساكنًا في ظل الأحلام، عائشًا تُجيد الحُلم لكنك لا تجيد التخطيط والعمل؟! إن هذا لشيء عُجاب، واعلم أن بعد الألم حلاوةً، وبعد العمل مكانة، وبعد التعب راحةً، فاعمل اليوم بجدٍّ لترتاح غدًا، ولا تجعل اليأس يَسكُن أحشاء أهدافك فيكون مقيدًا لها، انفضْ عنك اليأس، واجعل الأمل عقدًا في عنق أهدافك، ويَسكن أحشاءها، فإن الأمل سيَجعلك تعمل بكل قواك، وما تلبَث إلا وقد حقَّقت نجاحًا باهِرًا صار يُزاحم النجوم في السماء، فالشر موجود فأوجد الخير ليتصدى له، كذلك الأمل وجد ليتصدى لليأس.
مهما طال الزمان وزادت شدة الظلام، فإن بعد الظُّلمة فجرًا باسم مُتلألئ بالحب والإحسان، انهَض رعاك الله، وابدأ مشوارك، وحدِّد الطريق الذي ستَسلُكه، وخذ من النمل عبرة، ومن نكَد العيش خِبرة تُمكِّنك من التعامل مع المُلمات التي تحلُّ بك.
انطلِق ولا تيأس ما دام الوجود يعزف لحنًا عذبًا، والأنسام ترقص فرَحًا، والغيوم تُحلِّق استبشارًا، والطير يزفُّ إليك انطلاقًا وتحرُّرًا من عبودية الشهوات، فالربيع إذا أقبل أراك البهجة والسرور، وجعل داخلك حياةً خضراء جميلة تدبُّ فيك كما يدب النمل في التراب.
لا تيأس مهما رأيت من الناس ما يكدِّر خاطرك؛ فإن إرضاءهم غاية لا تُدرك، فلا تَسع وراء شيء لا يتحقَّق، وتَبني مستقبلك وَفق ما يريدون؛ لأنك لن تسعد أبدًا.
لا تيأس مهما جرى؛ لأن اليأس ليس مِن صفاتك.